ان المفهوم التاريخي للديموقراطية مختلف عن مفهومها الحالي ,فالديموقراطية في حقيقتها , ومن واقع ظروف نشوئها ,ليست مجرد طريقة في الحكم.
وانما هي طريقة لكل شؤون الحياة.
الديموقراطية في حقيقتها ,ليست عملا سياسيا فحسب ,بل هي قبل ذلك عمل اجتماعي .
اجل..انها نظام متكامل لتحرير الفرد والجماعة من الاستبداد السياسي ومن الظلم الاجتماعي معا.
ان الديموقراطية كنظام للحكم تعني ان يكون الشعب مصدر السلطات,ولكي يكون كذلك لابد ان يكون هو مصدر القوانين التي يحكم بمقتضاها,ومصدر الحكومة التي تسهر على تنفيذها ,وفي عصورنا هذه التي كثر الناس فيها كثرة لاتمكنهم من ان يلتقوا جميعا ليتخذوا قرار ما تحتم ان يكون هناك ممثلون ينوبون عنهم ,ويختارون بواسطة اقتراع حر .
وهؤلاء الممثلون هم الذين ــ باسم الشعب ــ يضعون القوانين ويراقبون الحكومة.
ولما كان للسلطة اغراؤها فانه ــ مهما تكن مراقبة البرلمان للحكومة ــ لاينبغي ان يكون ثمة تركيز للسلطة قد يغري بسوء استعمالها , ومن ثمة وجب الفصل بين السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية.
ولاشك ان آراء الامة وأفكارها لايمكن ان تصب في قالب واحد,فقد يتفق الناس حول الغايات بشكل كبير ولكنهم يختلفون حول الوسائل.
ذلك كله يجعل قيام الأحزاب السياسية مظهرا متمما للديموقراطية وهكذا تنهض الحياة السياسية عامة والبرلمان خاصة على مؤسستين هما:الحكومة والمعارضة .وتقف المعارضة للحكومة بالمرصاد فتردها عن كثير من الأخطاء التي يمكن اقترافها بسهولة لو خلا الجو من المعارضة الحقيقية .
ويجري سباق دائم بين الحزب الحاكم ,والحزب المعارض حول احترام مشيئة الامة ومبادئها ,ومصالحها ,مادامت هي صاحبة الحق في تسليم مقاليد الحكم لمن تشاء .هكذا يظل مركز الثقل دائما بجانب الجماهير الناخبة وتصان حرية القول وحرية الفكر وحرية الصحافة.
ان الرأسمالية الحديثة والعشوائية, التي أخذت تنمو باطراد في العقود الثلاثة الاخيرة كان لها اكبر الأثر في منع نمو الديموقراطية بشكل صحي وسليم .
بل أدى ذلك الى ظهور أنواع جديدة من الدكتاتوريات ذات التأثير السلبي حتى على رأس المال والى مزيد من خنق الحريات والتراجع الاقتصادي وازدياد البطالة .
ففي بلاد العالم المتخلف اصبحت الرأسمالية والدكتاتورية شيئا واحدا ,علما ان الرأسمالية في فلسفتها التي صاغها مفكروها وعلى رأسهم "آدم سميث" و "ريكاردو " انما تعتمد في تطورها وبقائها على الحق الطبيعي المكفول للناس جميعا ليعيشوا أحرار وعلى سيادة القوانين الموضوعة لحماية هذا الحق وهذه الحرية .
اذا فابسط مظاهر الولاء للديموقراطية هو الولاء للقانون واحترامه .
فاذا تصرفت الرأسمالية كطبقة أو كدولة تصرفا يتحدى القانون ويخرقه.....ثم اذا ماصار تصرفها هذا مادة وسلوكا كما يحدث في دولنا العربية بشكل خاص فان الديموقراطية ستسقط صريعة .
ومن اسف ان ذلك حادث فعلا .
طل الملوحي15/3/2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق