الأربعاء، 9 يوليو 2008

أوهام امرأة


كان والدي رجلا متواضعا محدود الدخل يعمل مدرسا ,ولم يكن عنده اي مورد اخر,وكنا نعيش في منزل لا يقل عن دخل والدي تواضعا ,فليس فيه من الاثاث ووسائل الرفاه مايعتد به, ولذلك لم نكن نحيا حياة البذخ والاسراف التي كان يعيشها عمي التاجر الثري.
كنت فتاة جميلة بل كنت اوفر اخواتي الثلاث حسنا,واحسنهن طبعا واذكاهن فكرا واغزرهن عاطفة واحساسا,وقد نشأت في هذا الوسط الفير الذي لم يكن ليرضي طموحي واعتدادي بنفسي واحساسي بمكانتي ,اشعر بالاحباط تارة,وبشعور غامر قوي باني لااعيش في الجو المناسب لي تارة اخرى,كنت اشعر يغيرة شديدة من ابنة عمي الغنية,والدميمة والتي لاتملك مما املك الا المال ومع ذلك فهي المفضلة عند الناس دائما!
وعلى الرغم من كبريائي كنت اسر بزيارة بيت عمي فهناك الهو وامرح كما يحلو لي واتناول من الطعام اطيبه واقضي النهار وانا اتفرج على التحف والديجيتل وافلام الفيديو.
كان عمي يحبني ويعاملني كما يعامل ابنته وكثيرا مايمازحني ويتباسط بالحديث معي كذلك زوجته التي كانت تسر بمجيئي وتعجب برشاقتي وحسن حديثي,اما ابنة عمي فهي تحسدني على جمالي وثقافتي,وانا بدوري احسدها على ثرائها,فاذا صدف وجاءهم شاب غريب فانها تبتعد عني وتحاول ان تصرفني وهي تضحك ضحكتها الخبيثة التي اعرفها,وتعرض بفقري امام الشاب,وكنت اتألم منها,ولكنني كنت اغيظها وابقى,وانصرف بكليتي الى الزائر وامازحه وافتنه واكثر من مجاملته,ولاانفك الاطفه واعابثه حتى يتصرف بكليته اليّ وينسى عقله وينسى نفسه,وينسى ابنة عمي,وهكذا اكتشفت تاثيري العظيم على الشبان وتاكدت من اني ساحرة وفاتنة وان كنت فقيرة.
شعرت ان اذكى الرجال عقلا وارجحهم فكرا,واوسعهم ثراء واجملهم خلقا يتهافتون علي,ويتقربون مني,ويحاول كل واحد منهم ان يحظى مني ولو بنظرة من عيني السوداوين.....
عند هذا الحد بدأت لعبة الشيطان معي فصرت اسأل نفسي اليس من الغباء,ان اظل تحت نير الفقر والمذلة في حين ان في مقدوري ان اثأر من حظي واثأر من الفقر وكذلك من ابنة عمي,واظفر بحياة الترف الرائعة التي تتناسب مع شبابي وجمالي,ورحت استخدم ذكائي وجمالي وانصب الشراك للرجال الحائمين حوالي لعلي اعثر من بينهم على ثري ذي مكانة يتزوجني,.
وهكذا فكرت بالمال وحده ونسيت الحب,فكرت بالمستقبل وذهلت عن الحاضر كنت في تلك الفترة محبوبة الرجال,محبوبة من كل رجل يراني....
وكنت انا ايضا احب احب فتى من طبقتي فقيرا في اعتزاز,جميلا في اباء رقيقا في شموخ وفيا في صراحة وبراءة ونبل,احببته بكل قوى نفسي بكل احلام فكري بكل خفقات دمي وقلبي,اجل احببته واحبني , كان موظفا بسيطا ,وكان جارا لنا تعاهدنا على الزواج بمعرفة والدي ولكن زياراتي المتكررة الى بيت عمي , ومشهد الثراء والترف , اذهلني, واسخطني ,وتحول قلبي بالرغم مني ,وشعرت تحت وطأة مطامحي ومطامعي وآمالي ,ان لابد من ان اغفل الانسان الذي احببته واتناساه......!
فتركته فعلا ,فشقي بفعلتي معه من غير سبب يعلمه وتعذب كثيرا وعانى فانخلع قلبي وكدت اضعف وارتد اليه.
اما ابنة عمي فقد خطبت بغتة وكتب كتابها ,واقترنت بشاب ذي مكانة عالية وفوق ذلك جميل,غض النظر عن دمامته واعجبته لكثرة في مالها.....!
بعد هذا الحدث جفت عواطفي ,واصبح قلبي طفرا,وقررت ان اضحي بحبي مع علمي انه الرجل الوحيد الذي احبه حقا ويحبني,وامتهزت فرصة الزفاف العظيم الذي اقامه عمي لابنته,فابقظت كل محاسني واثرت كل مفاتني,ورحت اتعرف بالاسر الكبيرة,واتصلت برجالها,ومازلت بالاثرياء منهم اقربهم واجاملهم حتى عثرت من بينهم اخر الامر على ضالتي المنشودة.
كان كهلا في السادسة والاربعين من عمره وهو يكبرني باكثر من ربع قرن وكان قد تزوج امرأة جميلة عذبها بغيرته نحو عشرة اعوام ثم طلقها وحرمها من رؤية ولدها الوحيد ,ومع ذلك رضيت ان اتزوجه ,رضيت ان اعيش مع ابنه ,رضيت بالتضحية بمن احب لالشيء سوى انه ثري..........!
لم اكد اتزوجه حتى بهرني سخاؤه الفياض اغدق علي المال بلا حساب غمرني بالهدايا احاطني بالنعيم فتهت عجبا على الهام,وتهت عجبا على اترابي,على اني ويالسخرية كنت في صميم نفسي لااكاد اشعر بان كل شيء اصبح لي,حتى اشعر في نفس اللحظة ان هذا الكل مايزال ناقصا,مايزال جزءا من الكل العظيم الذي اطمح اليه.....!
كنت اطلب المال فلما اصبته احسست ان لاقيمة له بدون الحب,..بل لقد عذبني ان يكون لي المال ثم لااستطيع ان اشتري به الحب........!
وكنت كلما تمتعت بالمال اتسع فراغ قلبي,وازددت احساسا بنقصي,وهفت روحي الى الحب,وشيئا فشيئا شعرت ان المال عبء على كتفي,وقيد في عنقي,وعقبة في سبيلي,فحرت واضطربت وتاه فكري ,واشتاقت نفسي الى حبيبي .....!
كنت لم ار هذا الانسان الذي احببته منذ زواجي , فاتفق يوما ان زار والدي وكنت هناك,فحياني واكتفى بان نظر الي نظرة ممزقة واعرض عني,هذه النظرة الحاقدى هذه النظرة الوالهة هذه النظرة الضارعة ,ايقظت حبي ,واضرمت ناري,والهبت في عزما طاغيا,وحزمت امري ان اتخلص من زوجي....!
اردت ان ادفن الحاضر وابعث الماضي اردت ان اترك المال واظفر بالحب,فتنكرت لزوجي واثرته بخبث عليّ ,وغافلته ذات يوم وهجرت قصره العامر وذهبت غاضبة الى منزل والدي.
اقبل زوجي ملهوفا وحاول ان يترضاني وعرض علي ان يكتب عددا كبيرا من املاكه باسمي,ولكني رفضت ماله وثبت في موقفي وطلبت الطلاق....!
لقد كنت آخر حب في حياته فتشبث بي وهدد باستعمال حقه ضدي ثم التمس وتوسل ولكن امام اصراري على الطلاق كبر عليه ان يذل امامي فطلقني.
وبعد بضعة اسابيع تزوجت من احب....!
ويالها من فرحة عظيمة تلك التي شعرت بها يوم تزوجت حبيبي الاول خيل الي اني استعدت كرامتي فجأة,وتطهرت من ادراني وخرجت من سجني اتنسم الهواء الطلق لاول مرة في حياتي!!
لم اشعر بوطأة الفقر لحظة ولم اتألم ....
كان يحبني وكان لايذكرني بالماضي ابدا,وهكذا قنعت بحظي ورضيت بقسمتي,اطهو الطعام بنفسي واكل العس والحمص ولايخطر في بالي اني كنت بالامس اتطلع واترقب واتمنى واشتهي.
انقضى العام الاول وانا في شبه حلم وتلاه العام الثاني وبدأت اليقظة وبدأ التعب والعناء والقلق,لاأدرس ماأصابني فجأة وماذا حل بي,؟!
افقت من نومي ذات صباح انظر الى حجرتي العارية ,شعرت رغما عني انني متضجرة احسست على استغراب مني اني عدت فقيرة وخاملة,هلع قلبي وشرد لبي,وخالس عقلي نعيم الماضي,وفكرت .....!
والشيطان في التفاصيل.
فكرت وقارنت وانتابني الاحساس بالنقص والفراغ ثم ارهقني ثم استبد بي فلم استطع حياله شيئا برغم حبي......!
وكما كان ينقصني الحب وانا زوجة الثري,كذلك اصبح ينقصني المال وانا زوجة لمن احببت.
كان زوجي الاول طوال مدة زواجي لاينفك يحوم حولي ويستفسر عني من اصدقائي واهلي ويتربص بي وينتظر فرصة سانحة تمكنه من اذلالي والثأر مني.وكنت لااقدر مبلغ يأسه ولا افهم عمق ذله, ولااتصور مدى حقده وبغضه فلما افقت من غفلتي ورأيته يهتم كل هذا الاهتمام بي خيل الي انه قد نسي وغفر ففرحت وابتهجت وعقدت النية على العودة اليه وترك زوجي....!
وكما فعلت به يوم تركته فعلت بزوجي الثاني وطلبت الطلاق وبعد جهد كبير ومكايدة وتعذيب,حصلت على الطلاق,!!
عدت ملهوفة الى زوجي الاول سعيت اليه بنفسي ,اذللت كبريائي وامتهنت كرامتي,ورجوت ابنة عمي غريمتي وعدوتي ان تدعوه لزيارتها وتتوسط بيني وبينه .
وفعلا جاء مشرق الطلعة ,ظافر النظرة,ضاحك السن,فخدعني مظهره,فاندفعت اليه وتأبطت في جرأة ذراعه واتمست منه الصفه....كانت ابنة عمي تنظر اليه من خلال اهدابها المستترة وتنتظر .....وكان هو يحدق الى وجهي.....الى عيني...الى شفتي....الى الكلمات التي كانت تنطلق متدافعة من فمي,وفجأة ,وفي مثل لمح البرق تملص مني,ودفعني عنه بعنف,وتلفت كالمذعور,ثم عدا صوب الهاتف....وامام ابنة عمي الشامتة ,امام حيرتي المتوجسة, امام دعوتي المطمئة الواثقة ,تناول السماعة وخاطب امرأته الاولى والدة ابنه الوحيد التي ردها الى عصمته انتقاما مني,وراح يرمقني بنظرة هائلة ويضحك,وارسلت ابنة عمي قهقهة ساخرة مدوية,فصرخت انا ,صرخت ولطمت وجهي ,ثم عزت علي نفسي ,فاجهشت بالبكاء واندفعت صوب الباب وخرجت لا ؟ألوي على شيء.....!
هذه قصتي لم اقنع بالمال وحده او بالحب وحده ففقدت المال وفقدت الحبومع ذلك فقد بات من المستحيل علي وقد عرفت لذة كل منهما ان اعيش بدونهما.
وهاأنا ابحث عن الرجل الذي في وسعه ان يقدم لي الحب والمال معا!!وهذا الوهم سيظل علة شقائي الى الابد...!!!!!!!!!ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق