الأربعاء، 9 يوليو 2008

الصور التاريخية للامبريالية

لقد عرف تاريخ علاقات مابين الوحدات السياسية صورا تاريخية للامبريالية تميزت فيما بينها بدوافعها او وسائلها او بهما معا .
فحتى اوائل العصور الحديثة او ان شئنا حتى اوائل العصر الاوروبي كانت الامبريالية تتمثل في السعي الى بناء امبراطوريات عن طريق الغزو او ضم الاقاليم او وضع الآخرين تحت امرة المنتصر وغيرها مما يؤدي في النهاية الى التأكيد لعظمة الوحدة السياسية للامبريالية او لعزة الامبراطورية وذلك بصرف النظر عن النتائج المقصودة او غير المقصودة لعمليات الغزو او الفتح من حيث الكسب المادي او المذهبي كأن يتحقق للفاتحين بفتوحهم موارد مادية سعوا اليها بالفتح او جاءت جانبية مع هدف اسمى حال الفتوح الاسلامية .
وبهذه الصورة التاريخية للامبريالية ترتبط الامبراطوريات القديمة والوسيطة كالرومانية,واما العثمانية فهذه تنتمي الى طراز الامبراطوريات القديمة والوسيطة وان جاءت لاحقة .
في اوئل العصر الاوروبي ارتبط التوسع الامبريالي بظاهرة جديدة هي التجارة من اجل الثروة وباعتبارها السبب الاوحد للقوة السياسية اي ظهور مايسمى الامبريالية التجارية فارساء الامبراطورية البريطانية الاستعمارية كان من عمل التجار اصلا ,واما انشاء القواعد العسكرية او تدخل الاسطول الحربي او غيرها من اعمال السيادة فلم تكن تستهدف في البداية الا مجرد تامين المواصلات للامبراطورية التجارية .وهكذا انطلقت الامبريالية الحديثة من التجارة.
ثم كانت الثورة الصناعية بما افضت اليه من مشكلة فائض الانتاج ثم فائض رؤوس الاموال ,راحت الامبريالية تعمل (بالتوسع الاستعماري) وظهرت بذلك على الامبريالية القديمة,كما تميزت على الامبريالية التجارية نتيجة لاختلاف السياق الاقتصادي.
فالسياق الاقتصادي الذي عملت فيه الامبريالية التجارية هو التجارة والتجار بينما كان سياق الامبريالية الصناعية الصناعة والصناع وكلاهما سياق اقتصادي.
لقد استدعت مشكلة فائض رؤوس الاموال ـ وهذا مايهمنا كامة من العالم الثالث ـ صورة اخرى للامبريالية الا وهي الامبريالية المالية اي الامبريالية التي تعمل برأس المال الفائض او تعمل به,فهي تتوسع بسلاح المال الهادىء كبديل للعنف المسلح او لحسابه ولو اقتضى الامر الالتجاء الى العنف.
انها اذن الامبريالية المالية بوسائلها او بأهدافها او بهما معا .
ولاتزال الامبريالية المالية تجدد في اساليبها التي تخلف الاستعمار القديم.
في سنة 1902م تناول الاقتصادي a.hobson هذه العلاقة فنبه الى ان البحث عن اسواق جديدة لمنتجات الصناعة ولرؤوس الاموال هو نقطة الانطلاق الى الامبريالية,ذلك بأنه لابد لرؤوس الاموال غير المستثمرة في دولتها من مناطق جديدة تستثمر فيها ,الامر الذي يحرك القوى الرأسمالية ذات المصلحة المباشرة في هذا الاستثمار نحو الضغط على الدولة لدفعها الى التوسع الاستعماري لتهيئة مجالات جديدة, ومن ثم فان العلاقة مباشرة بين الامبريالية الاستعمارية وبين حركة تصدير رؤوس الاموال.
فالدولة التي تستثمر رؤوس اموال ضخمة في دولة اخرى عليها ان تضمن استقرار النظام فيها وبالتالي لعب دور البوليس الدولي وحتى التدخل العسكري.
وهكذا نرى ان الدول الكبرى حريصة على ان تقنع دول العالم الثالث المتخلفة بأنها تصدر اليها رؤوس الاموال لامن اجل نفع يتحقق لها وانما من قبيل السخاء او التعاون,اما الحقيقة التي لالبس فيها ان ما تقوم به هذه الدول سياسة استثمارية تخدم ميزان القوى فيما بينها وتسهل السيطرة على الدول المتخلفة .....!!

طل الملوحي
9/7/2008

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق